
هل تشعر بأنك صاحب عقل مبدع؟ هذا ليس من قبيل مدح الذات، وإنما من الممكن أن يكون أمرا حقيقيا بالفعل. فهناك أشخاص يمتلكون عقولا مفرطة في الإبداع وابتكار الأفكار، لدرجة لا يستطيعون معها إيقاف عقولهم عن التفكير. فالأفكار الخلاقة تستمر بالظهور طوال اليوم بدون توقف، وعلى الرغم من أن هذا الأمر يبدو للكثيرين على أنه إيجابي لكنه مع الأسف ليس كذلك.
وعندما يستمر العقل على تقديم الأفكار الإبداعية طوال الوقت، فإن المرء يبقى يلاحق تلك الأفكار بدون أن يحقق أي تقدم فعلي. قد يبدو هذا الأمر مستغربا، ويدعو للتساؤل حول كيفية امتلاك شخص ما عقلا إبداعيا وفي نفس الوقت لا يصل لدرجة النجاح التي يتمناها. والسبب هو أن مثل هذا الشخص من الممكن أنه يعاني من العقل الإبداعي المفرط.
وتتشابه صفات العقل الإبداعي المفرط مع صفات من يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD). وهذا يعني أنه في حال كان المرء يملك عقلا إبداعيا مفرطا، فإن عدم قدرته على مواصلة الحماس تجاه أحد المشاريع التي بدأها لا يعود بسبب كسله أو قلة اهتمامه، وإنما المشكلة أن عقله لا يريد سوى إيجاد أفكار جديدة، حسبما ذكر موقع LifeHack.
وترى ماذا يمكن أن يفعل المرء لتحويل أفكاره الإبداعية المستمرة لسلاح فعال يعينه على تحقيق النجاح الذي يريده؟ هذا يكون عبر اتباع الخطوات التالية:
- كن على دراية بالمعركة التي يخوضها عقلك: يوجد في العقل البشري نظامان متنافسان على السيطرة وهما؛ النظام الفطري، وهو الذي يسهم في الحفاظ على حياتك من خلال تنبيهك عند برودة الجو لتدفئة نفسك أو عند الشعور بالجوع بأنه عليك أن تأكل.
أما النظام الثاني فهو الإدراكي، وهو الذي يقوم بالتفكير واتخاذ القرار حول ما الذي تريد أو لا تريد القيام به. ويمكن لهذا النظام أن يجعلك تتجاهل الأمر المهم وتركز على الأقل أهمية. على سبيل المثال أنت تعلم أن ممارسة الرياضة مفيدة لك، لكنك مع ذلك تقرر الجلوس لمتابعة التلفزيون.
وبسبب الصراع بين النظامين، فإن النتيجة تكون عدم قيامك بالخيار الأفضل دائما. يحصل هذا الصراع داخل كل إنسان، لكن من يحمل العقل الإبداعي المفرط يهيئ أرضا خصبة للقتال تكون بالنسبة إليه أكثر توترا وإرهاقا، كأن تكون محتاجا لإنهاء المشروع الذي بدأت به، لكن فكرة جديدة تلح على ذهنك بشكل لا يمكنك تجاهله. لذا فالوعي بوجود هذه المعركة يساعدك على فهمها وربما السيطرة عليها أيضا.
- استكشف نمط التفكير الإبداعي المفرط لديك:
اطرح على نفسك الأسئلة التالية والتي من شأنها تعريفك أكثر بنمط التفكير لديك:
* عندما تبدأ أي عمل متى تشعر بفقدان التركيز به؟
* هل يوجد نوعية معينة من الأعمال التي تفقد اهتمامك بها سريعا؟
* هل تفضل العمل بمفردك أم ضمن مجموعة؟
* هل تفضل أن يكون لديك مهلة طويلة أم قصيرة لإنجاز العمل؟
هل تكره العمل المشروح على الورق أم أن تفضل مطالعة كافة تفاصيل المشروع الذي تقوم به؟
بمجرد ما تدرك الوقت الذي تبدأ معه بفقدان التركيز ونوعية الأعمال التي يمكن أن تزيد من هذا الشعور لديك حاول أن تتنبه للإشارات التي تسبق فقدانك التركيز. هل على سبيل المثال تجد بأنك تبدأ باختلاق الأعذار للقيام بأمور أخرى؟ هل تبدأ بالاتصال بأصدقائك للتهرب من الالتزام بالجدول الزمني لإنهاء العمل؟ أم أنك ببساطة تبدأ بالعمل دون رغبة وبكفاءة أقل من قدراتك؟
ومن ثم امنح نفسك الوقت الكافي لإجابة تلك الأسئلة حتى تتعرف على نمط تفكيرك لتجهيز خطة الطوارئ لمواجهتها.
- حضر خطة للطوارئ من أجل الاستمرار بالعمل الذي تقوم به: يمكن القول بشكل عام بأن من يملك العقل الإبداعي المفرط يكون لديه نوع من التقلب بين الحماس والإحباط. فعندما تخطر الفكرة الجديدة في ذهنه يكون في أشد حالات حماسه لتنفيذها، لكن فجأة تذوب الطاقة بداخله ويختفي الحماس تماما. وهنا يبرز دور خطة الطوارئ التي يجب المسارعة في تنفيذها بمجرد أن تشعر بأولى حالات الفتور:
* لا تدع لنفسك مفرا للخروج: لو كنت من الناس الذين يحبون الالتزام مع الآخرين فبإمكانك أن تستفيد من هذه النقطة لصالحك. حيث يمكنك أن تخبر مديرك في العمل على سبيل المثال بأنك ستنجز المطلوب خلال مدة معينة، هذا الأمر سيجعلك تضاعف من جهدك كي لا تضطر للاعتذار عن عدم تمكنك من إنجازه.
* تقسيم العمل لأجزاء صغيرة: يوجد لدى معظم الأعمال أو المشاريع خطوات صغيرة لإنجازها، وحتى عندما تفقد حماسك تكون بعض تلك الخطوات ما تزال تشعرك بالاستمتاع عند القيام بها. وبالتالي فإن تقسيم العمل لأجزاء صغيرة يمكن أن يجعلك تنتبه لبعض الجوانب التي لم تفقد حماسك تجاهها.
* زد من متعة البيئة المحيطة بك: عندما تفقد حماسك حاول أن تجعل باقي الخطوات أكثر متعة بالنسبة لك. فعلى سبيل المثال هل تناول فنجان قهوة مع قطعة حلوى من الأمور النادرة الحدوث معك؟ حاول أن تذهب للمقهى المفضل لك وأكمل عملك هناك وأن تتناول جائزتك المفضلة.
* يجب دائما الابتعاد عن القسوة على النفس، فحتى التقدم خطوتين للأمام والتراجع خطوة واحدة هو بحد ذاته تقدم. من الجميل أن يكون لديك أفكارا إبداعية وخلاقة، لكن العالم بحاجة لأن تتقدم وأن تنجز العمل لنهايته حتى يستطيع غيرك الاستفادة منه.